مصر: السيسي على طريق الرئاسة
منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، أمس، وزير الدفاع والانتاج الحربي المشير عبد الفتاح السيسي الضوء الأخضر للترشح إلى الانتخابات الرئاسية، المتوقع إجراؤها خلال شهرين، ليحسم بذلك التكهنات بشأن الخيارات الرئاسية للرجل القوي في البلاد، والذي بات فوزه في الانتخابات المقبلة شبه مؤكد، في ظل تنامي شعبيته منذ سقوط نظام «الإخوان المسلمين» وغياب اي منافس رئاسي قوي حتى الآن.
وفي بيان متلفز تلاه متحدث عسكري مساء أمس، أشار المجلس المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى أنه «انعقد في جلسة طارئة حيث استعرض ما تمر به البلاد في هذه الأوقات التاريخية الحافلة بالأحداث الكبرى».
واضاف البيان أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة تابع بيقظة واهتمام ما تجلى على الساحة الوطنية منذ ثورة 25 يناير 2011 وثورة 30 يونيو 2013، والمسؤوليات الجسام التي تحملتها قوى الشعب والجيش معاً في خندق واحد لتحقيق الأهداف المشتركة في حفظ أمن الوطن واستقراره».
وتابع البيان أن «المجلس الأعلى استعرض ما قام به الفريق أول عبدالفتاح السيسي منذ توليه مهام منصبه من أعمال وانجازات لتطوير القوات المسلحة ورفع كفاءتها القتالية والارتقاء بمهارات أفرادها وشحذ روحهم المعنوية... ولم يكن في وسع المجلس الاعلى للقوات المسلحة إلا أن يتطلع باحترام وإجلال إلى رغبة الجماهير العريضة من شعب مصر العظيم في ترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية وهي تعتبره تكليفاً والتزاماً».
وأشار البيان إلى ان المجلس العسكري «استمع إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وقدر أن ثقة الجماهير فيه نداء يفترض الاستجابة له في إطار الاختيار الحر لجماهير الشعب، وقد قرر المجلس أن للفريق أول عبد الفتاح السيسى أن يتصرف وفق ضميره الوطني، ويتحمل مسؤولية الواجب الذي نودي إليه، خاصة وأن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب في صناديق الاقتراع، والمجلس في كل الأحوال يعتبر أن الإرادة العليا لجماهير الشعب هي الأمر المطاع والواجب النفاذ في كل الظروف».
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقد اجتماعه بعد ظهر يوم أمس. وفي ختام الاجتماع، تناقلت وسائل الإعلام المصرية اخباراً سريعة مفادها أن المجلس العسكري فوّض الفريق أول السيسي الترشح للانتخابات الرئاسية.
لكن البيان الرسمي الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يتحدث عن «تفويض»، وذلك لكي لا يوحي بأن السيسي هو مرشح المؤسسة العسكرية، أقله من الناحية الرسمية.
وبحسب ما رشح من اجتماع المجلس العسكري، فإن السيسي أبلغ جنرالات الجيش المصري برغبته في الترشح، وهو ما كان موضع نقاش معمّق حول أهمية هذه الخطوة ومدى انعكاسها على الجيش المصري.
وذكرت مصادر متابعة للاجتماع أن المجلس الأعلى قبل استقالة السيسي، وانه تم التوافق على تولي رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي منصب وزير الدفاع والانتاج الحربي خلفاً له.
لكن البيان الصادر عن المجلس العسكري لم يتضمن اي حديث عن استقالة السيسي او تعيين وزير جديد للدفاع والانتاج الحربي، فيما توقعت مصادر حكومية اتخاذ قرارات في هذا الاتجاه خلال اليومين المقبلين.
بدوره، صرح المتحدث العسكري العقيد أركان حرب أحمد علي أن المعلومات المتداولة بشأن كبار قادة القوات المسلحة غير دقيقة، موضحاً انه في حالة حدوث أي ترقيات أو تغييرات وظيفية فسيتم إعلام الشعب بها.
وسبق اجتماع المجلس العسكري صدور قرار من رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور بترقية السيسي من رتبة فريق أول إلى رتبة مشير، ليصبح بذلك المشير التاسع في تاريخ القوات المسلحة المصرية.
وتعتبر رتبة مشير الرتبة الأعلى في الجيش المصري، ولا يجوز أن يحملها أكثر من شخص واحد في ذات التوقيت.
وأثار خبر ترقية السيسي جدلاً حول جواز حصول السيسي على رتبة مشير (قائد ميداني)، بالرغم من أنه لم يخض أي حرب. لكن مصدراً عسكرياً نفى أي استثناء في ترقية السيسي، موضحاً أن القيادة الميدانية لا تكون في حالة الحرب فقط.
وأشار المصدر العسكري الى ان «السيسي هو القائد العام للقوات المسلحة ويقود كل العمليات الميدانية على الأرض بصفته تلك، ولذلك فهو بالطبع قائد ميداني ويستحق حمل هذه الرتبة».
واضاف: «عموماً، لا يشترط أن يكون حامل رتبة المشير قد شارك في حروب وليست هناك قيود على الترقية في ما يتعلق بالقائد العام للقوات المسلحة».
أما اللواء ممدوح زيدان، خبير إدارة الأزمات والتنمية البشرية في القوات المسلحة سابقا، فكان له تفسير آخر، حيث اعتبر أن الترقية أتت على خلفية قيادة السيسي لـ«الحرب ضد الإرهاب»، موضحاً أن كل من حملوا هذه الرتبة خاضوا حروباً، فيما اعتبر الخبير العسكري محمد زاهر قرار ترقية السيسي تكريماً له قبل ترشحه للرئاسة بسبب الضغوط الشعبية.
وأثار بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة تساؤلات حول استخدامه رتبة «الفريق أول» في معرض الإشارة إلى السيسي، وليس رتبة «المشير». وبحسب مصادر قانونية، فإن المسألة قانونية، وتتعلق بالشكل فقط، إذ ان اللقب الجديد الذي حصل عليه السيسي («المشير») لا يمكن استخدامه إلا بعد نشر قرار الترقية الصادر عن رئيس الجمهورية في الجريدة الرسمية، فيما اوضح المتحدث العسكري أن «قرار رئيس الجمهورية رقم 38 لسنة 2014 يرقى بموجبه الفريق أول عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي إلى رتبة المشير اعتباراً من 1/2/ 2014».
وقال رئيس الحكومة المصري حازم الببلاوي إن السيسي لم يقدم استقالته حتى مساء أمس، لافتاً إلى ان الحكومة في انتظار إعلان موقفه الرسمي من الترشح للرئاسة وما يترتب على ذلك من ضرورة تقديم استقالته. وأضاف الببلاوي أن مجلس الوزراء سيعقد الاجتماع العادي المقرر بشكل أسبوعي وسيحضره المشير السيسي.
وقال مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية اللواء سامح سيف اليزل، القريب من المؤسسة العسكرية، إن «السيسي لن يتقدم باستقالته قبل فتح باب الترشح للرئاسة».
ويتوقع المصريون ان يعلن السيسي ترشحه للرئاسة رسميا خلال الايام المقبلة، بعد ان اعلن الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور الاحد اجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية خلافا لخريطة الطريق التي اعلنت عقب عزل مرسي وتقضي باجراء الانتخابات التشريعية اولا.
وكان ترشح السيسي للرئاسة مطلباً شعبياً لكثير من الجماهير التي اصبحت صورته ملازمة لهم في كل الإحتفاليات والتظاهرات التأييدية. وكان آخر هذه الإحتفالات في ذكرى الثورة قبل أيام حيث احتفلت فئات الشعب المصري في عدة ميادين أبرزها ميدان الثورة والتحرير ومحيط قصر الإتحادية رافعين صور السيسي ومطالبينه بالترشح.
ويقول محمد سمير، أحد الشباب الذين احتشدوا أمام قصر الإتحادية يوم 25 كانون الثاني الحالي إن «المشير السيسي اصبح بطلاً شعبياً وترشحه هو تلبية لرغبة الشعب المصري الذي انا منه ولا أرى من هو أحق منه بهذا المنصب»، فيما قالت ربة المنزل نبيلة محمود إن «السيسي فخر لمصر ورمز وطني»، مشيرة إلى ان «ترشحه اثلج صدورنا جميعاً فهو الرئيس القوي الذي نتمناه».
وستأتي استقالة السيسي لتتزامن مع تعديل وزاري مرتقب يشمل ثمانية وزارات حسب أخر التقارير الصحافية. وكان الدكتور زياد بهاء الدين، وزير التعاون الدولي ونائب رئيس الوزراء للتنمية الإقتصادية، أول المتقدمين باستقالاتهم رسمياً أمس.
وبرر بهاء الدين استقالته بضرورة بدء مرحلة جديدة على حد قوله. واعتبر بهاء الدين أن إقرار الدستور يؤسس لشرعية جديدة وأن مرحلة أساسية من خارطة المستقبل، كانت تتطلب الحفاظ فيها على وحدة الصف وتجاوز الخلافات لإخراج الوطن من حالة الانهيار الدستوري والاقتصادي التي خلفتها سياسات الحكم السابق، قد انتهت.
وقد أوضح نائب رئيس الوزراء أن دوره خلال المرحلة المقبلة سيكون «اكثر اتساقا وفاعلية من صفوف العمل السياسي والحزبي والقانوني».
أحمد حمدي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد