مصر: إقبال ضعيف على انتخابات «الشورى»
انطلقت في مصر، يوم أمس، مرحلة جديدة في مسيرة تسليم السلطة للمدنيين من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك من خلال البدء في تنظيم انتخابات مجلس الشورى، الغرفة الثانية في البرلمان، لكن أعداداً قليلة من الناخبين توجهت إلى الاقتراع، على خلاف الطوابير الطويلة التي اصطفت خارج اللجان في بداية انتخابات مجلس الشعب في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الماضي.
في هذا الوقت، أصيب ثلاثة مصريين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون في القاهرة، وذلك في اشتباكات بين متظاهرين يطالبون بالإسراع في تسليم الحكم لسلطة مدنية، وبين مؤيدين للمجلس العسكري.
وفتحت مراكز الاقتراع في مصر صباح أمس أبوابها إيذاناً بالبدء في الخطوة الثانية لتسليم السلطة للمدنيين، وهي انتخابات مجلس الشورى، الذي يتكون من 270 عضواً. وينتخب المصريون 180 عضوا لمجلس الشورى وسيعيّن رئيس الدولة حين انتخابه في حزيران المقبل بقية الأعضاء. وبالنسبة للأعضاء المنتخبين فإن ثلثيهم يُنتخبون بنظام القوائم الحزبية المغلقة في حين ينتخب الباقون بنظام المنافسة الفردية.
وتجرى انتخابات مجلس الشورى على مرحلتين. وتشمل المرحلة الأولى، التي بدأت يوم أمس، 13 محافظة هي القاهرة والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر والدقهلية والغربية والفيوم والمنوفية والوادي الجديد وشمال سيناء وجنوب سيناء ودمياط وقنا.
ويرى مصريون كثيرون أنه كان يجب إلغاء مجلس الشورى الذي لا يملك أي اختصاصات تشريعية واضحة، والذي استخدمه الرئيس السابق حسني مبارك في منح حصانة برلمانية لحلفاء سياسيين له ورجال أعمال مقربين منه.
ولعل هذا ما يفسر غياب الحماسة لدى معظم المصريين للتصويت في هذه الانتخابات، حيث سجل إقبال ضعيف للغاية في اليوم الأول من هذه الانتخابات، خلافا لما كان عليه الوضع خلال انتخابات مجلس الشعب.
ووفقا لخريطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري لنقل السلطة، يتعين على أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين أن يجتمعوا فور انتهاء الانتخابات البرلمانية لاختيار جمعية تأسيسية من مئة عضو في غضون ستة أشهر على الأكثر لوضع دستور جديد للبلاد في فترة لا تتجاوز ستة أشهر أخرى. لكن التطورات السياسية في البلاد، وخصوصا المطالب المتصاعدة للحركات الشبابية الاحتجاجية بالتسريع بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية، قد تؤدي إلى تسريع عملية إعداد الدستور.
في هذا الوقت، أعلنت وزارة الصحة المصرية أن ثلاثة أشخاص أصيبوا في مواجهات بين ناشطين كانوا يتظاهرون ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، وبين مجموعات من المؤيدين للمجلس العسكري.
وقال شاهد عيان إن مجموعات من البلطجية هاجمت مئات المحتجين أمام مبنى ماسبيرو محاولين إزالة خيام يعتصم بها المحتجون منذ ثلاثة أيام، مضيفاً ان البلطجية رشقوا المحتجين بالزجاجات الفارغة والحجارة وأصابوا صحافية وصحافيا كانا في المكان.
وقال شاهد آخر إن أحد أفراد الجيش الذين يقفون أمام المبنى وراء أسلاك شائكة أصيب بحجر يبدو أن بلطجيا ألقاه صوب المحتجين الذين ردوا على البلطجية بالحجارة أيضا.
وبعد اندلاع الاشتباكات تدفق آلاف المتظاهرين من ميدان التحرير وعدد من أحياء القاهرة لمساندة زملائهم، ورددوا هتافات مناوئة للمجلس العسكري أمام المبنى، واشتبك عشرات منهم في شارع جانبي مع بلطجية بعدما دوى أزيز عيارين ناريين لم يعرف من أطلقهما.
وقال الناشط محمد سليمان «نحن نتهم من بأيديهم السلطة (بالوقوف وراء البلطجية). نحن سعداء لأن شيئا كهذا حدث. معنى هذا أننا في الطريق الصحيح».
في هذا الوقت، شدد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، في كلمة ألقاها خلال حفل انتهاء فترة الإعداد العسكري لطلاب الكلية العسكرية، على أن «مصر ستبقى قوية وزعيمة وستستمر قوية». وأضاف «أربأ بنفسي أن أقول ان هناك مصريا خائنا، فهم ليسوا خونة، وإنما غير فاهمين».
وأضاف «لن نسمح لأحد من الداخل أو الخارج بأن يؤثر على مصر أو على المصريين، او يؤثر على مسيرة هذا الشعب»، متوجهاً إلى المصريين بالقول «ثقوا بأنفسكم وبمصر وبالقوات المسلحة التي لم تفرط أبدا في هذا الشعب وهذا الوطن».
إلى ذلك، وصل إلى نيويورك وفد من وزارة الدفاع المصرية لزيارة بعض القواعد العسكرية الأميركية ومقر القيادة المركزية الأميركية لمتابعة التعاون العسكري بين مصر والولايات المتحدة.
وقال الملحق العسكري المصري في واشنطن اللواء محمد الكشكي إن مباحثات الوفد ستتناول التعاون في المجال العسكري، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي في إطار الزيارات المخططة مسبقاً في إطار الخطة الخمسية للتعاون العسكري بين البلدين.
وأضاف ان الوفد سيعــقد لقاءات مع عدد من أعضاء لجنة القوات المسلحة في الكونغرس لدعم أواصر علاقات التعاون العسكري بين البلدين.
يذكر أن الجيش المصري يتلقى 1,3 مليار دولار سنوياً في إطار المساعدات الخارجية الأميركية وقد تعرضت رزمة المساعدات الأميركية للمساءلة من أعضاء الكونغرس الذين يطالبون مصر بضمان التزامها معاهدة السلام مع إسرائيل التي وقعت عام 1979 وبأن يحترم الحكام العسكريون الديموقراطية والحريات، وخصوصاً بعد الحملة الأمنية الأخيرة التي استهدفت منظمات المجتمع المدني في مصر.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد