مؤسسات تدخل إيجابي ترفع أسعار بعض السلع لمنع التجار من استغلال الفرق!
اسمها مؤسسات تدخل إيجابي، لكن على الأرض نخشى أن يكون تدخلها سلبياً، فبدلاً من أن تكون صانعة للسوق، تلحق التجار في أسعارهم بحجة تهريب السلع من مخازينها إلى مخازين التجار.
ورغم كل التصريحات عن وجود مخزون إستراتيجي في هذه المؤسسات يكفي الأسواق المحلية لشهور نجد هذه المؤسسات ترفع أسعارها بسرعة وفقاً للأسعار التي يتعامل بها التجار. وبحسب مصادر مسؤولة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تقوم المؤسسة الاستهلاكية برفع أسعارها بحجة منع التجار من استغلال فرق السعر بحيث يقوم التجار بشراء المنتجات من منافذ المؤسسة ليقوموا ببيعها بعد ذلك بأسعار عالية في متاجرهم.
وتؤكد المصادر أن هذا الحال ينسحب أيضاً على مؤسسة الخزن والتسويق التي قامت برفع أسعار اللحوم لمنع اللحامين من شراء اللحوم من منافذ المؤسسة ليقوموا بعد ذلك ببيعه في محالهم بسعر أعلى. مبيناً أن مؤسسات التدخل الإيجابي تخفض السعر في بعض البضائع وتزيدها في أصناف أخرى.
من جهته تساءل المحلل الاقتصادي الدكتور هيثم عيسى عن تسمية مؤسسة التدخل بالإيجابي، فإذا كان المقصود التدخل أن يتم بيع المنتجات بسعر السوق نفسه أو بسعر أعلى فهذا ينفي الغاية من تسمية هذه المؤسسات ومن الأفضل أن تغير اسمها.
ويوضح عيسى أن مسوغات المؤسسات في رفع سعرها من أجل منع التاجر أن يستغل فرق السعر غير صحيحة، فمن الممكن للمؤسسات أن تمنع هذا الاستغلال بأن تقوم بالبيع بسعر أقل بقليل عن سعر السوق.
وعن تصريحات المعنيين في وزارة التجارة الداخلية والمؤسسات التابعة لها عن أن أسعار البيع في منافذ مؤسسات التدخل الايجابي يتم بهامش أقل من السوق بما لا يقل عن 15 بالمئة بيّن عيسى أن هذا الكلام غير دقيق مئة بالمئة، «فأنا أتعامل بشكل دائم مع نوافذ البيع في هذه المؤسسات وبصراحة يلاحظ أن بعض المنتجات يتم بيعها بسعر أقل من السوق بنسبة صغيرة بحدود 10 بالمئة ليتم تعويض هذا الفرق عن طريق زيادة السعر بمواد أخرى فيتم تعويض ما تم خسارته بسلعة معينة بما تم إضافته على سلعة أخرى».
وأضاف عيسى: «إن مهمة مؤسسة التدخل الايجابي منع الأسعار من الارتفاع من دون سبب حقيقي يوجب رفع الأسعار ولكن حقيقة الأمر أن التاجر يقوم بالتسعير وفق أعلى معدل ربح ممكن الحصول عليه إن كان ربحاً تجارياً أو حتى ربح فرق العملة وعندما تتبع مؤسسات التدخل الإيجابي للتاجر بحجة أو أخرى تنفي دور هذه المؤسسات والغاية منها».
وقال: «أكبر دليل هو ما حدث في إحدى مؤسسات التدخل الإيجابي التي كنت مهتماً بمراقبة عملها، حيث كانت تبيع مادة معينة بسعر وعند ما تم رفعها في هذا المنفذ قام التجار المحيطون بها برفع السعر بناء على السعر الجديد لهذه المؤسسة فبدلاً أن يكون دور هذه المؤسسة قيادة السوق لخفض الأسواق كان دورها قيادته في رفع السعر».
وفي سياق متصل أكد أن وضع مؤسسات التدخل الإيجابي في الاستثمار من القطاع الخاص يخرجها من دورها الأساسي وهو التدخل الإيجابي ليكون كأداة بيد التجار ليضغطوا على الأسواق وفق رغباتهم.
ومن جهته نفى مدير فرع مدير فرع المؤسسة الاستهلاكية بدمشق طلال حمود قيام المؤسسة برفع الأسعار بناء على سعر السوق وأن أي رفع للأسعار يكون فقط على المواد المستجرة حديثاً من الأسواق المحلية.
وأوضح حمود أن آلية وضع السعر تتم بناءً على لجنة سبر الأسعار التي تقوم بسبر الأسعار على مستوى أسواق المحافظة جملة ومفرق ويتم وضع السعر بحيث يكون أقل من سعر المفرق وأقرب إلى سعر الجملة.
ولفت حمود إلى أن توفير المادة بشكل كبير في الأسواق وفق مبدأ العرض والطلب بحد ذاته يعتبر تدخلاً إيجابياً يؤدي إلى التخفيض التلقائي للأسعار.
بدوره رأى عضو غرفة تجارة دمشق أديب الأشقر أنه على مؤسسات التدخل الإيجابي ضغط تكاليفها وفرض التوازن السعري على الأسواق.
و بيّن أن فكرة التدخل الايجابي ممتازة ولكنها بحاجة للعمل من أجل التطبيق الصحيح لها من أجل الوصول إلى الهدف المراد من إنشائها وهو التدخل الإيجابي لفرض التوازن السعري في السوق وهو الهدف نفسه الذي يسعى إليه قانون دعم المنافسة ومنع الاحتكار وذلك عبر تدخل وزارة التجارة الداخلية بمؤسساتها عن طريق طرح المنتجات في الأسواق بأسعار منافسة.
محمد مصطفى
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد