علاج تجريبي قد يبطىء تطور مرض السكري النوع الاول
قد يكون من الممكن إبطاء تطور سكري النمط الأول، وفقًا لدراسة تجريبية جديدة استخدمت علاج تجريبي يرتكز على الجهاز المناعي.
فى هذه الدراسة الجديدة، اختبر الباحثون فى السويد طريقة جديدة لتدريب الجهاز المناعي على التوقف عن مهاجمة خلايا الجسم المنتجة للإنسولين، وفقًا لنتائج الدراسة التي نُشرت يوم 15 فبراير بجريدة New England الطبية والتي أجريت على ستة مشاركين فقط، قد كانت دراسة صغيرة، ولكن الخبراء وصفوا هذه النتائج المبكرة بالمثيرة.
لدى الأشخاص المصابين بالنوع الأول من مرض السكري، يتعرف الجهاز المناعي بالخطأ على أنواع معينة من البروتينات الموجودة فى خلايا بيتا Beta cells على أنها أجسام خارجية مهاجِمة للجسم ويشن الحرب ضدها.
وبمجرد القضاء على خلايا بيتا، فإن البنكرياس ينتج الإنسولين بكمية ضئيلة تكاد تكون معدومة، وهو الهرمون المنظم لكيفية امتصاص الجسم للسكر من الدم لاستخدامه فى إنتاج الطاقة.
وكنتيجة لذلك، فإن المرضى يحتاجون لمتابعة العلاج مدى الحياة -مثل حقن الإنسولين- للحفاظ على مستويات السكر فى الدم فى معدلاتها الطبيعية.
تدمير خلايا بيتا لا يحدث بين عشية وضحاها، ولكن على الرغم من أن غالبيتها تكون قد تدمرت بالفعل عندما يتم تشخيص المرض لدى الشخص المصاب، إلا أن بعض الخلايا تعمل على تفادي الهجمات وتستمر فى إنتاج بعض الإنسولين .
و هذا هو سبب عمل العديد من الفرق البحثية على إيجاد طرق لإنقاذ الخلايا المتبقية، أو تأخير تدميرها عند الأشخاص الذين تم تشخيص حالتهم مؤخرًا.
فى الدراسة الجديدة، قام الباحثون بحقن بروتين موجود بشكل طبيعي فى خلايا بيتا مباشرة فى العقد الليمفاوية للمريض.
وقال الدكتور جوني لودفيجسون Johnny ludvigssonn، أستاذ بارز فى طب الأطفال بجامعة Linkopirg، والباحث الرئيسي فى الدراسة أنه “قد أثبتت هذه الطريقة أفضل فعالية حتى الآن في إبطاء تطور المرض” وأضاف أيضًا “لكن علينا أن نكون حذرين، فعدد المرضى المشاركين في الدراسة قليل'”.
وإذا تم تأكيدها في تجارب أوسع، فيمكن للعلاج أن يجلب العديد من الفوائد للمرضى.
فالقدرة على إفراز الإنسولين، حتى وإن كانت فقط على مستويات منخفضة جدًا، تقلل بشكل كبير من خطورة تعرض المصابين للمضاعفات، مثل نوبات انخفاض مستويات السكر فى الدم الخطيرة، يقول لودفيجسون لـ live science.
إن الكمية الصغيرة من الإنسولين التي استطاع المرضى فى هذه الدراسة إنتاجها من الممكن أن تجعل من السهل أيضًا للمرضى أن يتمكنوا من الحفاظ على توازن جيد للسكر فى الدم، مما يساهم في تحسين جودة حياتهم.
ومما من شأنه أيضًا أن يقلل من خطر تعرضهم لمضاعفات للمرض على المدى الطويل، مثل النوبات القلبية، السكتة الدماغية، اعتلال الأعصاب، مشاكل الكلى، وأمراض العيون.
“هذه نتائج مثيرة” كما قال الدكتور لورنس ستينمان، أستاذ طب الأطفال والعلوم العصبية فى جامعة ستانفورد، الذى لم يشارك فى الدراسة.
وردد ستينمان تحذير لودفيجسون والذي مفاده أن الدراسة محدودة، وقال أن هناك حاجة الى إجراء التجارب على المزيد من الناس والتي تشمل مجموعة مراقَبة من المرضى الذين يتم اعطاؤهم دواء وهمي لتأكيد هذه النتائج.
كيفية جعل الجهاز المناعي أكثر تساهلاً
الحقن التي أعطاها الباحثون للمرضى فى هذه الدراسة تحتوي على بروتين يسمى GAD، وهو موجود بشكل طبيعي فى خلايا بيتا.
قام لودفيجسون وزملاؤه بحقن هذا البروتين فى الغدد الليمفاوية للمرضى بالقرب من منطقة الفخذ.
تحتوي الغدد الليمفاوية على العديد من الخلايا المناعية، وفكرة هذا العلاج هي أن تعريض خلايا الجسم المناعية إلى كمية من البروتين GAD أكبر من التي تواجهها عادة سيؤدي إلى جعل الخلايا المناعية أكثر تساهلاً مع البروتين GAD، وبالتالي يتوقف هجومها عليه.
تراوحت أعمار المشاركين فى الدراسة ما بين 20 – 22 عامًا، وقد تم تشخيص حالاتهم جميعًا بمرض السكرى من النوع الأول خلال الستة أشهر الأخيرة.
وتتبَع الباحثون حالة المرضى ما بعد ستة إلى خمسة عشر شهرًا من العلاج، ووجدوا أن وظيفة البنكرياس لم تتراجع كما هو متوقع في المسار النموذجي لهذا المرض، ولكن ظلت مستقرة.
فى السابق، كان فريق لودفيجسون قد جرب نفس العلاج، ولكنهم قاموا بحقن البروتين تحت الجلد.
وتشير النتائج الجديدة إلى أن الحقن المباشر فى الغدد الليمفاوية يعرض الخلايا المناعية بشكل أفضل إلى المستضد الذاتى.“مع جرعة أقل بكثير، حصلنا على التأثير المرجو بقوة كبيرة على الجهاز المناعي” يقول لودفيجسون. ويضيف أن “الفريق يخطط حاليًا لإعادة الدراسة على عدد أكبر من المصابين، الأمر الذي سيستغرق بضع سنوات”.
علاج مرض السكرى من النوع الأول من المنشأ
على الرغم من أن هذه النتائج ما تزال مبكرة جدًا كي يتم تطبيقها على المرضى، إلا أنها تقدم أدلة واعدة إلى طريق جديد نسبيًا من البحوث التي تهدف إلى تعديل الجهاز المناعي بدقة عالية لعلاج أو ربما حتى شفاء مرض السكري من النوع الأول.
قال ستينمان “هناك القليل من هذه المقاربات في التجارب السريرية، ولكن لا شيء حتى الآن جاهز ومؤكد، وأن العلاج المعتمد على المستضد -الذي تم استخدامه في الدراسة الجديدة- هو نهج مرغوب به، ولكن فقط عدد قليل حول العالم يجربه”.
وقد ركز ستينمان فى عمله على بروتين آخر يسمى “Proinsulinn”، والذي يصبح أيضًا هدفًا للجهاز المناعي لدى المصابين بمرض السكرى من النوع الأول.
وفى تجارب سريرية عام 20122 مع ثمانين شخصًا، قام ستينمان وفريقه بحقن المشاركين بجزء من الحمض النووي يحتوي على ترميز Proinsulin، فى محاولة لجعل الجهاز المناعى أقل حساسية من الـ Proinsulin.
وجد الباحثون أن وظيفة البنكرياس لم تستقر فحسب، بل تحسنت فعليًا.
وهذا ممكن، يقول ستينمان، أن بعض خلايا بيتا تختفي من الهجمات المناعية عن طريق السبات، وأنه بمجرد أن يتم تخفيف الهجمات، تتعافى وتستعيد استئناف وظيفتها.
وقال ستينمان “التخطيط للتجربة المقبلة ما زال جاريًا”. والعلاج المناعي لمرض السكرى من النوع الأول فى المستقبل قد يجمع ما بين بعض المقاربات المختلفة التي جربتها مختلف الفرق البحثية.
وقال لودفيجسون “حتى الآن، اختبرت جميع الدراسات تقريبًا دواءً واحدًا على حدة، ولم يكُن هذا فعالاً بما فيه الكفاية، وحسب رأيي فإننا بحاجة إلى الجمع بين المناهج المختلفة.
على سبيل المثال أدوية مختلفة، تقدم في إطار برنامج مخطط، كما هو الحال فى علم الأورام.
ولم تكن هذه الفكرة مقبولة حتى وقت قريب.
أخبار العلوم
إضافة تعليق جديد