طالما نحتاج إلى المعرفة.. طالما عاشت الصحف: إسألوا «لوكانار أنشينيه»

05-10-2011

طالما نحتاج إلى المعرفة.. طالما عاشت الصحف: إسألوا «لوكانار أنشينيه»

لا تزال صحيفة «لوكانار أنشينيه» الفرنسية الشهيرة تقاوم إغراء الشبكة العنكبوتية. تقاربها، ولا تغوص فيها. ولها في تمنّعها فلسفة. «مهمتنا إعلام القراء وإمدادهم بالمتعة.. لكن بالحبر والمداد». تلك هي الرسالة التي تُبثّ على موقع الصحيفة المتفلتة من قواعد الصحافة التقليدية، قبل أن تبلّغ قراءها: «إلى لقاء قريب يوم الأربعاء في أكشاك الصحف».
عمر الصحيفة الساخرة يعود إلى العام 1915. تخلو صفحاتها الثماني من أية إعلانات. وتبيع خمسمئة ألف نسخة أسبوعياً. هي صحيفة اقتاتت على التهكّم من النخبة الفرنسية، وصنعت لنفسها بذلك مجداً.. على الورق. وهو ما تعتزم مواصلة القيام به. ولكن، ماذا عن الوجود الإلكتروني؟ يجيب مدير التحرير التنفيذي فيها كلود انجيلي: «لا وجود لنا على الانترنت».«لو كانار» (البطة) قافزاً فوق رؤوس الرؤساء الفرنسيين منذ شارل ديغول، وحتى نيكولا ساركوزي (رسم منشور في أحد أعداد الجريدة الفرنسية)
تلك ليست ميزة «لوكانار أنشينيه» الوحيدة. فالصحيفة التي يملكها صحافيوها، لا تنفق قرشاً واحداً على التسويق والإعلان. وهي تحقق المكاسب. ففي العام 2010، حققت أرباحاً صافية بلغت قيمتها نحو 4.5 ملايين يورو، من عائد بلغت قيمته 30.6 مليون يورو.
وبينما تنازع بقية الصحف لتعويض خساراتها عبر فرض رسوم على نسخها الإلكترونية، تبدو «لوكانار أنشينيه» نموذجاً يُحتذى، كما قال أستاذ إدارة الأعمال في جامعة «انسيد» مارك هانتر، فهي «تظهر أنه لا يزال بالإمكان حمل القراء على الخروج لشراء صحيفتهم». فجلّ ما يتطلّبه الأمر هو «منحهم شيئاً لا يمكنهم الحصول عليه من مكان آخر».

صحيفة أطاحت ستة وزراء
صدرت «لوكانار انشينيه» في الحرب العالمية الأولى، كبديل فكاهي عن الأخبار التي كانت تنقّحها آنذاك الرقابة الرسمية. وعلى مرّ السنوات، طوّرت هوية هي عبارة عن مزيج من السخرية والفكاهة والسبق الصحافي. ولا تزال الصحيفة وفيّة لهويتها. لا صور ملوّنة فيها. فقط رسوم بالأبيض والأسود.. وبقي التصميم على حاله منذ عقود.
ويبدو مستبعداً أن تغيّر الثورة الرقمية أيا من ذلك كله: فـ«ما دام الناس يحتاجون إلى المعرفة، سيظل هناك قراء»، كما قال أنجيلي (80 عاماً) وهو يحمل بين يديه لائحة عليها أسماء ستة أعضاء من الحكومة تنحّوا عن مناصبهم بسبب فضائح كشفتها «لوكانار». وأضاف: «أعمل هنا منذ أربعين عاماً. قراء كثر قضوا. وقراء جدد يولدون».
ليس واضحاً ما إذا كان بالإمكان تصدير تجربة «لوكانار» إلى الخارج. فالصحف الفرنسية تعتمد بنسبة أربعين في المئة فقط على الإعلانات، بالمقارنة مع الصحف الأميركية التي تعتمد بنسبة 73 في المئة على الإعلانات، كما قال الخبير الإعلامي في «برينس ووترهاوس كوبرز» ماتيو اوبوسون.
ما يساعد «لوكانار» هو أنها بلا منافس. فالعديد من الصحف والمجلات الفرنسية تبقى مملوكة من صناعيين نافذين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع مختلف الفصائل السياسية. ما يعني أن العديد من تلك المطبوعات يحجم عن اقتناص السبق الصحافي أو توجيه الانتقادات مخافة إثارة استياء متنفّذ أو سياسي، كما قال هانتر.

تجارب «شبيهة»
بدت تجربة «لوكانار» مغرية بالنسبة إلى الكثيرين. ففي العام 2006، صدرت صحيفة اسمها «بقشيش»، ولكنها لا تزال تجاهد لتشق طريقها. وفي العام 2008، أطلق صحافيون سابقون من «لوموند» صحيفة إلكترونية سمّوها «ميديا بار». وهي تبدو منافساً جدياً لـ«لوكانار»، كما أقرّ انجيلي.
وعلى المنوال ذاته، صدرت صحيفة «برايفيت أي» البريطانية الساخرة، ولكنها سرعان ما تسللت إلى الشبكة العنكبوتية، لتنشئ لنفسها موقعاً فيها. أما «ذا أونيون» الأميركية، التي تنشر قصصاً وأخباراً وهمية، فـ«تحاول تأليف نكتة لبيعها بعشرين طريقة مختلفة»، كما أوضح المدير التنفيذي ستيف هانا. مضمون الصحيفة متوفر على الورق والإنترنت وعلى التلفزيون. إلا أن هانا يتساءل هنا: «لمَ قد نهِب مضمون موقعنا بالمجان؟». ويشاطره أنجيلي رأيه، إلا أنه يقدم مقاربة جديدة له: «نحن (في «لوكانار») بحاجة فعلاً لتخزين معلوماتنا ووضعها بطريقة تتطلب وقتاً لقراءتها».


إعداد: جنان جمعاوي ـ السفير
عن «وول ستريت جورنال»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...