رشا وتزوير ومحسوبيات في فرع التأمين في الحسكة
هذا الملف المتعلق بالتجاوزات الحاصلة في فرع مؤسسة التأمين بالحسكة، نتابعه منذ حوالي خمسة أشهر، وتحديداً منذ اواخر الشتاء الماضي.
حيث حضر الى مكتب صحيفة تشرين احد الأشخاص، وقدم لنا معلومات مفصلة عما جرى ويجري في هذا الفرع فوعدنا بإحضار الوثائق بعد فترة .
ولأن ذلك الشخص ذهب لإحضار الوثائق التي تؤيد كلامه وتؤكد صحته ولم يعد، ولأننا لا يمكن ان ندع موضوعاً كهذا يمر من أمامنا دون ان نتابعه حتى النهاية، قمنا بجمع أكبر قدر من المعلومات عن فرع مؤسسة التأمين بالحسكة، وتوصلنا بطرقنا الخاصة الى نتائج مهمة. لكننا تأخرنا بنشر الموضوع لاعتبارات عديدة أهمها دخول جهات أخرى على الخط، كالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ونقابة المحامين وإحدى الجهات المختصة الأمر الذي دفعنا للانتظار لبعض الوقت على أمل ظهور ما هو جديد.
- وبالفعل هذا ماحصل، حيث أدت الاجراءات التي قامت بها تلك الجهة المختصة والتي تشكر عليها، الى اعتراف احد المواظفين بأن التجاوزات الحاصلة في فرع التأمين بالحسكة، لا تقتصر على تلقي رشاً لقاء تقديم تسهيلات للبعض، وإنما الأمور وصلت الى حد المحسوبيات، ووصولاً الى التزوير، الأمر الذي ادى الى دفع مؤسسة التأمين تعويضات لأناس بدون وجه حق.
وهذا ما سنعرفه مفصلاً في هذا الموضوع، مع الإشارة الى أننا أهملنا ذكر أسماء بعض المتورطين بتلك التجاوزات، لكي نعطي الفرصة لإحدى الجهات المسؤولة لمتابعة إجراءاتها، مع متابعة تلك الإجراءات ونشرها حين انتهائها وذلك لأن هناك اعتبارات مهنية دفعتنا للإسراع بنشر الموضوع.
من جملة ما ذكره الشخص الذي حضر الى مكتب صحيفة تشرين اواخر الشتاء، وجود تقصير من الموظف المسؤول في فرع التأمين عن متابعة الدعاوى القضائية، التي تقام على المؤسسة من المتضررين من الحوادث، الأمر الذي أدى الى خسارة المؤسسة تلك الدعاوى، وذلك نتيجة لعدم تبليغ محامي المؤسسة بالدعاوى ومواعيدها في الوقت المناسب لكن الموظف وبعد ان اعترف بتقاضيه رشاً من عدد من الأشخاص تتراوح بين 4 آلاف و 200 ألف ل.س عن القضية الواحدة، لقاء تقديم تسهيلات لهم تؤدي الى الإسراع بالبت بالدعاوى المقامة على المؤسسة وكأن هذا الموظف يعمل لدى هؤلاء الأشخاص وليس لدى المؤسسة، وبالتالي فإن مصلحتهم تهمه أكثر من المؤسسة، نفى ما قاله ذلك الشخص، متهماً إياه بالتقصير بعمله ما أدى الى إلحاق تلك الخسائر بالمؤسسة.
كما اعترف بوجود العديد من التجاوزات الأخرى في الفرع أبرزها قيام معاون مدير الفرع بالتزوير وعدة مخالفات أخرى، ما أدى الى إلحاق الضرر بالمؤسسة وخسارتها لمبالغ مالية كبيرة من هذه المخالفات منها ما هو لصالح شقيقه ومنها ما هو لصالح أشخاص آخرين لقاء المنفعة المالية.
- إلا ان المخالفة الأبرز هي قيام معاون مدير الفرع بتنظيم تقرير تسوية للحادث رقم س/326/2006 تاريخ 24/2007 والذي وقع بين الشاحنة العامة رقم 854570 حسكة، ودراجة نارية على عجلتين يقودها شخص وابنه، وادى الحادث الى وفاة الولد وإصابة والده بجروح ليكتشف صاحب السيارة ان سيارته غير مؤمن عليها، فسارع بالذهاب الى مكتب اصدار العقود الإلزامية ونظم عقد تأمين برقم 25116 لعام 2006
ورغم ان المؤسسة السورية للتأمين أرسلت كتاباً برقم 879/11/2008 تاريخ 24/4/2008 الى فرع المرور بالحسكة لبيان ساعة وتاريخ وقوع ذلك الحادث، وأكد الفرع في رده ان الحادث وقع الساعة الحادية عشرة من صباح 13/12/2006 وفي نفس اليوم ارسلت المؤسسة الكتاب رقم 878/11/2008 الى مكتب التأمين الإلزامي لبيان ساعة وتاريخ عقد التأمين للشاحنة العامة المتسببة بالحادث.
ورد المكتب بأن ساعة إصدار ذلك العقد هي الثانية عشرة والنصف ظهراً ورغم انه من خلال هذه الكتب يتبين ان الشاحنة لدى وقوع الحادث لم يكن مؤمناً عليها، وأن عقد التأمين نظم بعد وقوع الحادث بساعة ونصف. قام معاون مدير الفرع بتنظيم تقرير تسوية بالحادث تم بموجبه صرف مبلغ نصف مليون ل.س لسائق الشاحنة.
- وهناك مفارقات عديدة بهذه المخالفة الجسيمة، أهمها:
1 ـ ان الشخص الموكل عن والد الطفل في الدعوى التي رفعها على المؤسسة لعدم شمول الأضرار التي اصيب بها بالتعويض، هو نفسه وكيل المؤسسة اي ان هذا الشخص كان وكيلاً لشخصين متخاصمين في قضية واحدة فماذ نسمي ذلك؟
2 ـ ان معاون مدير فرع التأمين قام بصرف أعلى سقف لعقد التسوية وهو نصف مليون ل.س على الرغم من معرفته بأن الشاحنة لم يكن مؤمناً عليها ساعة وقوع الحادث ولقاء ذلك تقاضى معاون المدير رشوة تبلغ 25 ألف ل.س فكيف لأحد ان يصدق ان معاون مدير دائرة يغامر بسمعته وتاريخه الوظيفي من اجل هذا المبلغ الصغير فقط؟
3 ـ قيام مدير الفرع وبقية اعضاء لجنة التسوية بالفرع بالتوقيع على تقرير التسوية بالموافقة فكيف حصل ذلك وهل تم لوجه الله؟
4 ـ إن محكمة البداية المدنية الثانية ردت بالقرار رقم 94 أساس 128 تاريخ 25/2/2007، الدعوى التي أقامها والد الطفل على مؤسسة التأمين، للمطالبة بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به معللة قرارها بأن الحادث غير مشمول بالتأمين، لأن عقد التأمين للشاحنة نظم بعد وقوع الحادث.
وأيدت محكمة الاستئناف المدنية الثانية بقرارها رقم 144 أساس 822 تاريخ 15/3/2007 قرار محكمة البداية المدنية الثانية لنفس الأسباب.
ولدى مثول كافة المتورطين بهذه القضية امام قاضي التحقيق الاستاذ سالم الصياح، اعترفوا بما فعلوه، وقام الشخص الذي قبض النصف مليون ل.س من المؤسسة بإعادتها، كما تقوم حالياً احدى الجهات المختصة بمواصلة التحقيق مع بقية الأشخاص المتورطين بهذه القضية، وسنوافيكم بنتائج هذا التحقيق فور صدورها.
خليل اقطيني
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد