ثورة مصر تختبر نفسها غداً.. عبر تفويض السيسي
يبدو أن ثورة مصر ستدخل غداً في اختبار جديد، قد يكون حاسماً، بعدما طالب القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي الشعب المصري بالنزول الى الميادين لـ«تفويض القوات المسلحة مواجهة العنف والارهاب»، مشدداً على أن لا تراجع عن خريطة الطريق التي تم التوافق بشأنها بين قوى الثورة لإدارة المرحلة الانتقالية بعد عزل محمد مرسي، في وقت اعتبر التحالف الإسلامي المؤيد للرئيس المعزول أن خطاب السيسي «إعلان حرب»، مؤكداً إصراره التظاهر غداً لـ«كسر الانقلاب».
وقال السيسي، في كلمة ألقاها خلال حفل تخريج دفعتين من الكلية الحربية والدفاع الجوي في مدينة الاسكندرية، «أقول للمصريين: نحن كنا تحت حسن ظنكم، وأنا أطلب منكم طلباً، وهو أن يوم الجمعة المقبل (غداً) لا بد من نزول كل المصريين الشرفاء حتى يعطوني تفويضاً وأمراً بمواجهة العنف والارهاب، وحتى تذكر الدنيا أن لكم قراراً وإرادة، وأنّه لو تم اللجوء إلى العنف والارهاب فسيفوَّض الجيش والشرطة مواجهة هذا العنف والارهاب».
وأكد السيسي أن خريطة الطريق «لن يتم التراجع عنها»، مشددا على أن «الانتخابات المقبلة ستكون «حاسمة». وأضاف: «قلنا لكل من أتونا إننا مستعدون لانتخابات يشرف عليها أهل الأرض كلهم: الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي... ليشهد لها العالم أجمع».
وكشف السيسي عن أنه قدم إلى الرئيس السابق محمد مرسي «ثلاثة تقديرات استراتيجية بشأن الموقف وتطوراته والتوصيات التي ينبغي الأخذ بها حتى يتم تجاوز الأزمات التي سيقابلها».
وتحدّث السيسي عن الخطاب الذي ألقاه مرسي في القاهرة مساء يوم 27 حزيران الماضي، قائلاً «قلت بعده لاثنين من القيادات الإخوانية إن الوضع جد خطير، ونحتاج لمصالحة حقيقية مع الجميع - الإعلام، والشرطة، والقضاء، والكنيسة، والرأي العام - وحاولت أن أؤكد لمرسي، طوال ساعتين كاملتين، قبل الخطاب بيوم أن مفردات الخطاب يجب أن تتضمن أموراً للمصالحة».
وتابع «حين سمعته في اليوم التالي، قلت: هل هذا ما اتفقنا عليه؟! نحن لسنا أوصياء على الرئيس، ولكن ما سمعته كان خطاباً آخر وخناقة من الرئيس السابق مع كل الناس، والقياديون الإخوانيون قالوا لي إنه سيكون هناك عنف مسلّح لكي أخاف، لكنني حذرتهم من أن ما يحدث سيخرب الدنيا».
وفي ختام كلمته كرر السيسي دعوته قائلاً «يوم الجمعة موعدنا مع كل المصريين، وسيؤمن الجيش والشرطة هذه التظاهرات في كل المحافظات»، ومضيفا «نقول إن الجيش والشرطة والشعب يد واحدة، ونحن ليست لدينا حساسية وعداء مع أحد، فكل المصريين إخواننا، ولكن يجب أن يتعاملوا هم أيضا معنا على أننا إخوانهم».
وبعد ساعتين عقب المتحدث العسكري للقوات المسلحة العقيد أحمد محمد علي على بعض الشخصيات العامة التي وصفت، عبر وسائل الإعلام المختلفة، مطالبة السيسي الشعب بالنزول يوم غد لتفويض الجيش والشرطة لمواجهة أعمال العنف والإرهاب المحتمل» بأنها «دعوة إلى العنف ضد أطراف بعينها».
ووصف المتحدث العسكري دعوة السيسي بأنها «مبادرة لمواجهة العنف والإرهاب لما يشمله من تهديد ومخاطر على أمن المجتمع والإضرار بالأمن القومي المصري»، لافتا إلى أن «دعوة القائد العام للقوات المسلحة تتزامن وتتسق وتتكامل مع جهود الدولة المصرية للمصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية لتحقيق خريطة المستقبل التي ارتضاها الشعب المصري العظيم كأحد مكتسبات ثورة 30 يونيو المجيدة».
وكانت ردود الفعل على خطاب السيسي قد توالت سريعاً عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي.
وعلى صعيد الاستجابة لدعوة السيسي، دعت قوى سياسية وشبابية وثورية، من بينها حملة «تمرد» و«جبهة 30 يونيو» و«شباب جبهة الإنقاذ» و«تنسيقية 30 يونيو»، جماهير الشعب المصري إلى الاحتشاد سلمياً في كافة ميادين مصر وشوارعها، يوم غد، تحت شعار «لا للإرهاب».
وأعلن المتحدث الرسمي باسم حملة «تمرد» محمود بدر، عن مشاركة الحملة في تظاهرات مليونية لـ«محاكمة المعزول وضد الإرهاب»، في ميدان التحرير والاتحادية وكل ميادين المحافظات.
وكشف، بدر عن أن «تمرد» بصدد حشد الملايين للمطالبة بمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي على كل الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب، ولمواجهة موجات «الإرهاب» التي ترعاها جماعة «الإخوان المسلمين»، سواء على الحدود في سيناء أو في الداخل، بحسب تعبيره.
وجدد، بدر رفض «تمرد» المطلق «لإراقة كل الدماء من الجانبين»، مطالباً «بمحاسبة كل المتورطين في عمليات القتل والعنف التي وقعت خلال الأيام الماضية، أيا كان مرتكبها أو المحرّض عليها، وإعلان رفضها دعوات العنف أو استخدام القوة للتعبير عن الآراء»، داعياً شباب «الإخوان» إلى «عدم الانجرار وراء قيادتهم التي تحاول إدخال البلاد في حالة عنف لن يستفيد منها سوى قيادات الإخوان والمعزول». ودعا «الاتحاد العام لنقابات عمال مصر»، عبر بيان لرئيسه جبالي المراغي، نقاباته العامة ولجانها النقابية والاتحادات المحلية في شتى محافظات مصر لوقفة جماهيرية، غداً، لتفويض السيسي «القضاء على الإرهاب، ومن أجل تعزيز خريطة الطريق، وتحقيق مستقبل أفضل لشعب مصر العظيم».
وفي جبهة الرفض لدعوة السيسي، أعرب عضو مكتب الإرشاد في جماعة «الإخوان المسلمين» عصام العريان، في تدوينة عبر موقع «فايسبوك»، عن رفض جماعته لدعوة السيسي، وأكد أن «الشعب، الذي يكره الدماء، لن يستجيب لدعوة السيسي إلى النزول لتفويضه مواجهة ما أسماه الإرهاب، فهو (الشعب) يرى الشرطة تقتل النساء والاطفال والركع السجود».
وخاطب العريان السيسي قائلاً: إن «استنجادك بالناس لن يغني عنك شيئا»، مشدداً على أن»الانقلاب لن يمر، ولن تفلح مخططات أعداء مصر التاريخيين في تحويل مصر إلى نموذج أقاموه في بلاد أخرى حولنا».
وفي إشارة إلى مرسي، أضاف العريان: «قال الفريق أول عبد الفتاح السيسي وجهة نظره وحكى روايته، ومن حق الشعب أن يستمع إلى وجهة النظر الأخرى من نفس المنبر».
أما القيادي في «الإخوان» محمد البلتاجي فقال إن السيسي: «يدعو إلى حرب أهلية من أجل حماية» الانقلاب»، بعدما تأكد فشله شعبيا». وأضاف أن «السيسي، الذي برر اضطراره القيام بالانقلاب على الشرعية من أجل منع الاقتتال الداخلي، يدعو اليوم إلى الحرب الأهلية من أجل حماية الانقلاب بعدما تأكد فشله شعبيا».
وخلص البلتاجي إلى اعتبار أن السيسي يروي «أكاذيب على لسان الرئيس المخطوف»، متسائلا: «لم يقل لنا (السيسي) أين ولماذا يستمر خطف الرئيس المنتخب، ولماذا لا يسمح له بشرح روايته للأحداث؟».
واعتبر المتحدث الإعلامي باسم جماعة «الإخوان المسلمين» أحمد عارف، دعوة السيسي بأنها «خطاب ديكتاتوري كارثي، يحمل تهديداً واضحاً للسلم الاجتماعي، وتصديراً لشؤم الانقلاب العسكري إلى الشارع المصري وطلب تفويضاً بالقتل».
ووصف منسق «جبهة الضمير الوطني» عمرو عبدالهادي خطاب السيسي بـ«دعوة إلى حرب أهلية، ليستمر حكم الجيش 60 عاماً بحجة الحرب على الإرهاب». وشدد عبد الهادي على أن مؤيدي مرسي «سيخرجون (غداً) سلميين أمام الجيش والشرطة والمسيحيين والأزهر والبلطجية»، معتبراً أن «هذا الأسبوع هو الفرصة الأخيرة التي أعطتها الولايات المتحدة للسيسي».
ودعا الوزير السابق في حكومة هشام قنديل نائب رئيس حزب الوسط محمد محسوب الى التراجع عن هذ الدعوة وتوضيح أنها كانت وليدة انفعال واتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض للمصالحة.
وبين الترحيب بدعوة السيسي إلى التظاهر، غداً، لتفويض القوات المسلحة اتخاذ اجراءات ضد «العنف والإرهاب»، وبين رفضها، برزت مواقف متمايزة عن الجبهتين.
عضو مجلس الشعب السابق مصطفى النجار توقع إعلان حالة الطوارئ، غداً، وقال: «بعد دعوة السيسي الشعب إلى التظاهر، اتوقع إعلان الأحكام العرفية في البلاد مساء الجمعة».
وأعرب ناشطون عن تخوفهم من «تداعيات» دعوة السيسي إلى النزول إلى الميادين وإعطاء الجيش والشرطة تفويضاً لمواجهة الإرهاب والعنف المجتمعي. وقالت ليلى سويف، في تصريح نشره موقع صحيفة «الوطن»: «تلك الدعوة منزلق خطير وغير مُفرح، والكلام يحمل الكثير من مشاعر القلق، ومن المحتمل أن تؤدي إلى أحداث عنف أكثر».
وأعلن «حزب النور» السلفي أنه يدرس دعوة السيسي، وأكد عضو الهيئة العليا للحزب صلاح عبدالمعبود أن الحزب سيعقد اجتماعا لمجلسه الرئاسي لبحث التداعيات المحتملة للدعوة «وسيرد عليها في أقرب وقت، خاصة أن الحزب يرغب في حل الأمور سلمياً».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد