الصراع على كركوك والكارثة المؤجلة

11-04-2007

الصراع على كركوك والكارثة المؤجلة

تتأرجح محافظة كركوك بين معارض لتطبيق المادة 140 من الدستور، الخاصة بتطبيع الأوضاع فيها، ومؤيد لتلك المادة، ما أدى إلى انقسام السياسيين العراقيين بشأن تنفيذها.
وتنص المادة 140 من الدستور، الذي لم تتم المصادقة عليه بصفة نهائية، على أن «المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة 58 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملاً التطبيع والإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد إرادة مواطنيها في مدة زمنية أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول» من العام الجاري.
وفي السياق، قال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح، في مؤتمر صحافي أمس، إن تنفيذ قرارات المادة 140 و«رفع الظلم التاريخي الحاصل على كركوك والمناطق الأخرى هو الشرط الأساسي لمشاركتنا كتحالف كردستاني (53 نائباً) في العملية السياسية وتشكيل الحكومة»، مضيفاً أن قرارات لجنة تنفيذ المادة المذكورة «هي التزام قانوني ودستوري للحكومة العراقية، وتأجيلها أو وضع العراقيل أمام تنفيذها غير مقبول بأي شكل من الأشكال». وشدد صالح على أن «تنفيذ هذا الالتزام سيكون مقياسنا الرئيسي لتقييم المسائل».
بدورها، رأت وزيرة البيئة العراقية نرمين عثمان أن قرار رئيس الوزراء نوري المالكي إحالة قرارات لجنة تنفيذ المادة 140 على مجلس النواب هو «عرقلة ومشكلة جديدة أمام تطبيق هذه المادة الدستورية».
في المقابل، قال رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب نصار الربيعي إن الوزراء التابعين للكتلة الذين صوتوا تأييداً للمادة 140 «هم خارج توجهات الخط الصدري»، موضحاً أن «ثلاثة وزراء من أصل ستة تابعين للتيار الصدري صوتوا لصالح المادة».
وفي الإطار نفسه، أعلن النائب عن التيار الصدري نصير العيساوي أن الكتلة «ستباشر بجمع التواقيع للطلب إلى هيئة رئاسة مجلس النواب تأجيل تطبيق المادة 140 من الدستور».
كذلك، كشف النائب عن القائمة العراقية أسامة النجفي عن أن «هناك اتصالات مكثفة، لتوسيع الجبهة الرافضة لتطبيق المادة»، موضحاً أن «تجمع عراقيي الشمال في البرلمان، الذي يضم 40 عضواً، يرفضون تنفيذ المادة في هذا التوقيت، بالإضافة إلى نواب آخرين من القائمة العراقية وجبهة التوافق وحزب الفضيلة والتيار الصدري وجبهة الحوار، وبذلك سيكون العدد أكثر من نصف عدد أعضاء مجلس النواب».
وقال النائب الآخر عن القائمة العراقية مفيد الجزائري إن المادة 140 هي «نص دستوري لا مفر من تطبيقه»، مشيراً إلى أن «من يقول إن هذه المادة ستؤدي إلى تكريد كركوك، عليه أن يقدم توضيحاً كافياً لكلامه».
من جهته، رأى رئيس مجلس النواب محمود المشهداني أن «من الضروري التأني والتريث في التعامل مع قضية كركوك، وتطبيق المادة»، مشيراً إلى أن «قضية كركوك بالغة الحساسية، ولا سيما أن العراق يواجه تحديات عديدة، في مقدمتها الملف الأمني الذي يهدد مستقبل البلاد».
وتابع المشهداني ان مجلس النواب العراقي «يحترم رغبة وإرادة أبناء شعبنا في إقليم كردستان، والجميع حريص على تحقيق العدالة وتصحيح الأخطاء والتقيد بالدستور، كما نؤكد التزام البرلمان بتطبيق المواد الدستورية والقانونية».
وكانت بعض الأحزاب والكتل العربية والتركمانية قد طالبت بتأجيل الاستفتاء إلى وقت آخر نظراً للظروف الراهنة في البلاد. كما أعلن 42 نائباً، في بيان، رفضهم للقرارات الصادرة عن اللجنة التنفيذية لتطبيق المادة 140 من الدستور.
وقال البيان إن «مشكلة كركوك وتداعيات معالجتها الخاطئة ستكون كارثة على العراق بكل طوائفه وقومياته، في حال استمرار النهج الحالي في التغاضي عن الحقوق وغض البصر عن الخروق القانونية والدستورية والتغيير الديموغرافي، الذي استمر منذ أربع سنوات»، مضيفاً أن الحكومة «وافقت على تنفيذ القرارات الصادرة عن اللجنة التنفيذية التي جانبت الحقيقة والإنصاف، وأهملت حقوق العرب والتركمان بشكل فاضح، وخرقت مواد الدستور والمادة 140 من خلال عدم إكمال حل النزاعات الملكية العقارية، وعدم إدخال التغيير الديموغرافي الكبير الذي تم منذ شهر آذار 2003 وحتى الآن، لصالح الأحزاب الكردية».
وتابع البيان: «إننا نعلن رفضنا لهذه القرارات الجائرة وعدم التزامنا بكل ما سيترتب عليها من نتائج، ونطلب من رئيس الوزراء (نوري المالكي) إنصاف أهالي كركوك، وتحقيق العدالة في تطبيق مواد الدستور، وعدم إخضاع مصير هذه المدينة العراقية إلى الاتفاقات السياسية والمصالح الحزبية».
وكانت اللجنة العليا لتنفيذ المادة 140، التي استقال رئيسها هاشم الشبلي من وزارة العدل ورئاسة اللجنة أخيراً، قد أصدرت أربعة قرارات تقضي بعودة العرب الوافدين إلى مناطقهم الأصلية، وتعويضهم بقطعة أرض و20 مليون دينار، مع نقل الخدمات الوظيفية للذين يرغبون بالعودة إلى أماكنهم الأصلية، بالإضافة إلى عودة المرحلين عن كركوك، وإعادة الموظفين إلى وظائفهم بعد إعادتهم إلى أماكنهم الأصلية وتعويضهم.
كما نص قرار آخر للجنة على تفكيك العقود الزراعية التي أبرمت في زمن النظام السابق في المحافظة.
وقوبلت هذه القرارات بتظاهرات واحتجاجات واسعة من الساكنين العرب في كركوك باعتبارها «تهدد وحدة الأراضي العراقية».
في هذه الأثناء، قال وزير شؤون المناطق الخارجة عن إقليم كردستان محمد إحسان إن حكومة الإقليم «تعمل على إعداد مسودة مشروع لتقديمه إلى رئاسة الجمهورية العراقية، بشأن الحدود الإدارية لمدينة كركوك، وتقديمها قبل منتصف الشهر الجاري، بغرض إجراء التعديلات على التغييرات التي حدثت في الحدود الإدارية عام 1968، عدا المحافظات المستحدثة»، محذراً من عدم تنفيذ المادة الخاصة بالمدينة «لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي، وستكون لنا خطط أخرى».

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...