«محور الشر» فرقة شباب عرب أميركيين يتصدون للإرهاب... بالضحك
ينظم بعض الشباب الاميركيين من اصول عربية واسلامية جولة فنية في مدن الولايات المتحدة تهدف الى فتح قنوات للحوار والتواصل مع الاميركيين، وأطلق هؤلاء على مجموعتهم اسم «محور الشر»، وهو مصطلح اطلقه الرئيس جورج بوش على الدول التي اعتبرها مارقة، علها تغير، باعتقادهم، شيئاً من ملامح الصورة النمطية للعرب لا سيما ان «اسكتشاتهم» تتمحور حول الارهاب والحرب والعمليات الانتحارية.
وهذا النوع من العمل العربي الفكاهي يعرض للمرة الاولى على خشبات المسارح الاميركية ويخاطب الرأي العام الاميركي المناهض للحرب على العراق وافغانستان وللسياسة العدوانية التي تنتهجها ادارة المحافظين الجدد في اكثر من مكان في العالم وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية ونفسية مشحونة بالغضب والقلق والاحباط لدرجة بات فيها الاميركيون «على استعداد لتقبل اي عمل فني ساخر ينال من بوش وادارته وحاشيته» على حد تعبير ماكنلي كليستير استاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة واشنطن.
ويقول القائمون على فريق «محور الشر»، وجلهم من أصحاب التجارب السابقة في الفن الكوميدي ، ان احداث 11 ايلول ( سبتمبر) الارهابية غيرت المسارات السياسية في العالم وزادت من تأزم العلاقة بين الشرق الاوسط واميركا وغيرت نظرة الاميركيين إلى العرب والمسلمين الذين باتوا رمزاً للارهاب العالمي.
من هذا المنطلق يؤكد احد أعضاء الفريق الاربعة، دين عبيدالله وهو اميركي من اصل فلسطيني وخريج كلية الحقوق من جامعة فوردهام ان لجوءه وفريقه الى المسرح الكوميدي «ليس سوى وسيلة متواضعة للتصدي للحملات المنهجية الظالمة التي ما زالت تستهدف العرب الاميركيين، ومنبر اعلامي فكاهي يقوم اساساً على فلسفة الضحك كلغة عالمية للتعبير عن هويتنا وهواجسنا والتعريف بأنفسنا وابلاغ الاميركيين اننا بشر مثلهم ولسنا قنابل موقوته او من هواة الموت والانتحار». ويعتقد عبيدالله ان الضحك في مثل هذه الحالات، لا سيما اذا كان مشفوعاً بروح الدعابة والنكتة والنقد اللاذع، ربما كان اجدى وانفع من اي خطاب سياسي في تحريك الرأي العام الاميركي وتصويب اتجاهاته واقناعه بعدالة القضايا العربية والاسلامية.
وتفيض المسرحية بالعديد من المشاهد والتجارب التي تروي جوانب متعددة من معاناة كل من الشباب الاربعة منذ احداث 11 ايلول الى اليوم. يقول آرون خضر وهو من أب فلسطيني وام اميركية تنتمي الى طائفة المورمون المسيحية، في احد المشاهد الكوميدية: «حين تذهب امي لاداء الصلاة في الكنيسة تعود الينا سالمة، في حين ان المسلمين الذين يؤمون المساجد لا يرجعون منها». وفي مشهد آخر يقول: «اذا سمع احد الاميركيين كلمة فلسطين تنزل عليه كالصاعقة وكأننا نحن المسؤولين عن نصف الارهاب في العالم منذ اكثر من خمسين سنة». اما عبيدالله الذي غير اسمه الى دين جوزيف، كغيره من آلاف العرب والمسلمين، فيشير الى ما عاناه من تمييز عنصري ويقول: «في العاشر من شهر ايلول 2001 كنت اميركياً وابيض اللون، وفي اليوم التالي اصبحت عربياً مسلماً. العرب اليوم هم السود الجدد في البلاد». ويضيف: «اذا ما تحدثت الى اميركي وتعرف الى ملامحك الشرق اوسطية فكأنك اطلقت في وجهه بياناً سياسياً».
من جهته يعرض احمد احمد وهو جامعي اميركي من اصل مصري، مشهداً عن ملاحقته في المطارات الاميركية ويستهله بالقول: «انا احمد احمد حين اصل الى دائرة الامن في المطار يلتف رجال اف بي آي حولي ويدققون في هويتي واسمي ولا ادري متى يطرقون بابي ويداهمون منزلي». اما زميله ماز جبراني الاميركي من اصل ايراني والمجاز في العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا، فيقول: «حين تتكلم مع احد الاميركيين احرص على مخاطبته بلكنته المتداولة». ويشير الى ان احد الحضور قال له بعد انتهاء المسرحية: «انت محظوظ لوجودك هنا». ويعلق بقوله: «كل شخص عربي او مسلم من اصول غير اميركية هو مشتبه به من حيث شكله ومظهره واسمه وكأنه انسان غريب عن الكوكب».
وباختصار توجه مسرحية «محور الشر» الى الرأي العام الاميركي رسائل عدة مفادها ان اميركا خسرت في عهد الرئيس بوش الكثير من حقوقها وحرياتها المدنية وفقدت موقعها التاريخي كملاذ آمن للمهاجرين واللاجئين التواقين للحرية والرفاهية واهتزت ركائزها التقليدية القائمة على التعايش والتنوع والتعدد الثقافي والحضاري. اما الرسالة الموجهة إلى العرب الاميركيين فتشدد على انهم سيبقون مواطنين اوفياء لاميركا الحرية والديموقراطية وان لم يتحدروا من سلالة العم سام.
علي حويلي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد